تعزيز المنعة النفسية في البيئة المدرسية بالاستناد إلى نتائج البحوث

تعزيز المنعة النفسية
188 المشاهدات

تركز الإتجاهات التربوية المعاصرة على تعزيز الممارسات الصفية والمدرسية القائمة على التكامل ما بين عناصر المنهاج والمهارات المعرفية، والاجتماعية، والانفعالية، والجسمية لدى الطلبة، من خلال فهم حاجات الطلبة والاستفادة من نتائج البحوث والدراسات في المجالات التربوية والنفسية والعصبية.  وفي إطار علم نفس النمو العصبي فإن أدمغة الأطفال والمراهقين تستمر في النمو حتى بداية سن العشرينات، لذا فإن تطوير الأنشطة الداعمة للنمو الاجتماعي والانفعالي في إطار بيئة مدرسية إيجابية ينتج عنه تحسن ملموس في نمو الدماغ ضمن فترة زمنية ملائمة عمرياً.

لذا من المهم التركيز على تزويد المعلمين والمعلمات بالأدوات اللازمة لتوفير بيئة وخبرات وتفاعل مدرسي يسهم في تعزيز مظاهر النمو النفس عصبي للجوانب الانفعالية والاجتماعية، حيث أن مثل هذه التدخلات لا تؤثر فقط على الجانب التعليمي لوحده، بل أيضاً تعمل على الوقاية من المشكلات السلوكية وتعزيز فرص التنظيم الانفعالي والذاتي لدى الطلبة. فاهتمام المعلمين بالوظائف التنفيذية العصبية للدماغ في العملية التعليمية ينعكس بشكل إيجابي على مهارات المرونة والمطاوعة العقلية والتنظيم ومراقبة الذات وضبط الاندفاعات، والتي تعد مكونات مهمة في السلوكات المتوزانة اجتماعياً وانفعالياً. إن الاهتمام بالتعليم النوعي أصبح يتطلب من البيئة المدرسية تعزيز مصادر الطلبة الذاتية في إدارة الضغوط التي يواجهونها، وتعزيز المنعة النفسية لديهم، والاستفادة من المواد والبرامج التعليمية لممارسة الكفايات الاجتماعية والانفعالية، وتوسيع نطاق الوعي بالذات، ودعم الطلبة للتعامل مع احتمالات التعرض لمواقف ذات تأثير سلبي على صحتهم النفسية.  

فالمدرسة بمصادرها وكورادها بإمكانها العمل وفقا لرؤية واعية لماهية العناصر النفسية الداعمة للعملية التربوية التي تحتاج إلى رعاية المعلمين واهتمامهم، فمعرفة المعلمين بالآثار العصبية لتعرض الطلبة لخبرات الفشل، والإحباط، والعنف، والضغوط المستمرة على مناطق التعلم بالدماغ، من شأنه أن يعدل من اتجاهات المعلم نحو الطلبة ويطور التعاطف نحوهم، ويتيح المجال لتأسيس بيئة اجتماعية انفعالية تسهم بتقليل مستوى الضغوط على الطلبة، وتهيئة المجال للتعبير والمشاركة، ويمكن المعلمين من البدء برحلة اكتشاف مصادر الطلبة الذاتية والاستثمار وتوجيهها لغايات تعليمية وتربوية. ولعلى هناك العديد الأمثلة التي أولى المعلمون اهتماماً بالطلبة على المستوى الشخصي ليشكلون نقطة فارقة بحياة طلبتهم

الآن المدرسة مدعوة إلى تعزيز المنعة النفسية لدى طلبتها بإطار من الوعي المستنير بنتائج البحوث، بعيدا الصدفة والجهود الفردية للمعلمين، لتقترب من رؤيتها ورسالتها التربوية وتتولى أدواراً قيادية تحويلية في حياة طلبتهم.

0 Reviews

Write a Review

آخر المشاركات