مقياس لايتر الأدائي العالمي للذكاء: النشأة والتطور، الصورة الأصلية

60 المشاهدات


مقدمة

يُعتبر مقياس لايتر الأدائي العالمي للذكاء أحد الاختبارات الرائدة في تقييم الذكاء غير اللفظي، حيث صُمم لقياس القدرات المعرفية دون الحاجة إلى استخدام اللغة المنطوقة. تم تطوير الصورة الأولى من المقياس في ثلاثينيات القرن العشرين على يد راسل ج. لايتر (Russell G. Leiter)، بمساهمة عالم النفس الإكلينيكي ستانلي د. بورتيوس (Stanley D. Porteus). كان الهدف الأساسي من تطوير هذا المقياس توفير أداة تقييمية صادقة للأفراد الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية أو الذين يعانون من صعوبات لغوية، مما جعله يُستخدم على نطاق واسع في البيئات متعددة اللغات والثقافات.


النشأة والتطوير

بدأت فكرة مقياس لايتر للذكاء في جامعة هاواي، حيث كان راسل ج. لايتر يعمل كباحث مساعد في العيادة النفسية. في ذلك الوقت، كانت هناك حاجة ماسة إلى تطوير اختبارات ذكاء تكون مستقلة عن التأثيرات اللغوية والثقافية. وعليه، جاءت الصورة الأولى من مقياس لايتر للذكاء عام 1936 كجزء من منشورات جامعة هاواي البحثية، حيث تم استخدامه في تقييم الأطفال والمراهقين الذين لا يستطيعون التواصل لفظيًا بفعالية.

تم تصميم المقياس ليكون أدائيًا بالكامل، أي أن أداء الفرد يعتمد على حل المشكلات البصرية والمهام الإدراكية بدلاً من اللغة أو القراءة والكتابة. وقد ساهمت هذه الميزة في جعله أداة موثوقة لتقييم الذكاء لدى:

الأطفال ذوي اضطرابات اللغة والتواصل.

المهاجرين غير الناطقين باللغة الإنجليزية.

الأفراد الذين يعانون من صعوبات في التعلم.


مكونات مقياس لايتر في صورته الأولى

احتوى المقياس على مجموعة من الاختبارات الفرعية التي صُممت لقياس قدرات عقلية مختلفة، مثل:

  1. اختبار إكمال الصورة (Picture Completion)
  2. اختبار تصنيف الحيوانات (Animal Classification Test)
  3. اختبار تحليل الألوان والأشكال (Color-Form Test)
  4. اختبار العلاقات الزمنية (Time Relations Test)
  5. اختبار تقدير النقاط (Dot Estimation – Porteus)
  6. اختبارات أخرى متعلقة بالإدراك البصري وحل المشكلات

تعتمد هذه الاختبارات على إدراك الأنماط، ترتيب الأشكال، والقدرة على ربط العلاقات بين العناصر المختلفة، مما يجعلها مناسبة لفئات واسعة من الأفراد بغض النظر عن مستواهم اللغوي.


أهمية المقياس في علم النفس

برزت أهمية مقياس لايتر للذكاء – الصورة الأولى كأحد الأدوات التي أحدثت تحولًا في اختبارات الذكاء التقليدية، حيث وفر بديلاً موثوقًا للاختبارات التي تعتمد على اللغة مثل:

مقياس ستانفورد-بينيه للذكاء (Stanford-Binet)

مقياس وكسلر لذكاء الأطفال والبالغين (Wechsler Scales)

وقد ساهم في دراسات مهمة حول الفروق العرقية في الذكاء، حيث استخدم في مقارنة الأداء العقلي بين مختلف الفئات العرقية والثقافية.


التطورات اللاحقة للمقياس

مع مرور الوقت، تم تطوير صور أكثر حداثة من مقياس لايتر للذكاء لمواكبة التغيرات في علم النفس القياسي، حيث تم إصدار:

الصورة الثانية من المقياس، التي تضمنت تحسينات في آليات التصحيح والتفسير.

الصورة الثالثة (Leiter-3)، التي اعتمدت على تحليل العوامل الحديثة ونظرية الاستجابة للفقرات، مما زاد من دقة النتائج وصدق التفسير.


الخاتمة

لا يزال مقياس لايتر الأدائي العالمي للذكاء – الصورة الأولى يُدرس كأحد النماذج الكلاسيكية في قياس الذكاء غير اللفظي، حيث شكّل الأساس للإصدارات الحديثة التي تلت ذلك. بفضل تصميمه الفريد واعتماده على المهارات البصرية بدلاً من اللغة، أصبح أداة قياس تتمتع بصدق وثبات تُستخدم على نطاق واسع في التقييم والتشخيص النفسي والتربوي في مختلف الثقافات واللغات.


بقلم

✍ أ. عمر بدارنه
🔹 أخصائي علم النفس الإكلينيكي
🔹 الخدمات الطبية الملكية سابقًا
🔹 عضو فريق تقنين مقياس لايتر-٣ النسخة الثالثة الصورة العربية (Leiter-3 AV)


المراجع:

Leiter, R. G. (1936). The Leiter International Performance Scale. University of Hawaii Research Publications (No. 13). University of Hawaii.

Porteus, S. D. (1915). The Maze Test and Its Applications. Psychological Review, 22(5), 361-374.

Graham, J. R., & Naglieri, J. A. (2003). Assessment of Intellectual Functioning with the Leiter Scales. Journal of Psychoeducational Assessment, 21(2), 98-113.

آخر المشاركات