مقياس لايتر الأدائي العالمي للذكاء: مقياس ذكاء عمره قرن

33 المشاهدات

على مدار قرن من الزمن، ظل مقياس لايتر الأدائي العالمي للذكاء (Leiter International Performance Scale) أحد أهم الأدوات المستخدمة في قياس الذكاء غير اللفظي. يتميز هذا المقياس بكونه خاليًا تمامًا من المتطلبات اللغوية، مما يجعله أداة فعالة لتقييم الأفراد الذين يواجهون صعوبة في التعبير اللفظي، مثل الصم والأشخاص ذوي الاضطرابات اللغوية، بالإضافة إلى أولئك الذين ينتمون لثقافات مختلفة.

تم تطوير النسخة الأولى من هذا المقياس في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، حيث جاء كاستجابة للحاجة إلى أداة تقييم موضوعية لا تتأثر بالعوامل الثقافية أو اللغوية (Leiter, 1930).

لكن كيف نشأت فكرة هذا المقياس؟ وما هي المراحل التي مر بها حتى أصبح أداة معتمدة عالميًا؟ هذا ما سنستعرضه في هذا المقال.

🔍 نشأة مقياس لايتر الصورة الأولى: فكرة رائدة في علم النفس

🔹 البدايات الأولى (1929-1938)

بدأ راسل جرايدون لايتر (Russell G. Leiter, M.A.) تطوير النسخة الأولى من مقياسه كجزء من أطروحته للماجستير في جامعة هاواي عام 1929، تحت إشراف عالم النفس ستانلي بورتيوس (Stanley D. Porteus, D.Sc.) (Porteus, 1928).

الهدف الرئيسي من تطوير المقياس كان تقييم القدرات العقلية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين قد يجدون صعوبة في الخضوع للاختبارات التقليدية التي تعتمد على الفهم والاستجابة اللفظية (Kuhlmann, 1922).

🔹 استند المقياس إلى اختبارات غير لفظية بالكامل تعتمد على القدرات البصرية والإدراكية والحركية بدلاً من الأسئلة اللغوية والمفردات.

🔹 تم تطبيق النسخة الأولى على مجموعات عرقية متعددة في هاواي، حيث كانت بيئة هاواي مناسبة تمامًا لاختبار أداة حساسة للتنوع الثقافي (Raubenheimer, 1931).

بعد نجاح المقياس في تطبيقاته الأولية، نشر راسل لايتر مراجعات موسعة لمقياسه في أطروحة الدكتوراه الخاصة به عام 1938 بجامعة جنوب كاليفورنيا.

🔹 مرحلة التعديل والتطوير (1940-1948)

خلال الأربعينيات، استمر راسيل لايتر في تحسين الاختبار بناءً على النتائج البحثية التي حصل عليها من تطبيقه على نطاق أوسع.

📌 التعديلات الرئيسية خلال هذه الفترة شملت:

✔️ تطوير مصفوفة اختبارات فرعية أكثر دقة في قياس الذكاء غير اللفظي.

✔️ تحسين إجراءات التطبيق والتقييم لضمان الصدق والثبات ودقة النتائج.

✔️ نشر أول دليل رسمي للمقياس في عام 1949 عن طريق كلية سانتا باربرا (Arthur, 1949).

في عام 1949، قامت الباحثة جريس آرثر (Grace Arthur) بتعديل طريقة تطبيق مقياس لايتر، مما أدى إلى ظهور النسخة المعروفة باسم “تعديل آرثر لمقياس لايتر للأداء العالمي” (Arthur, 1949, 1952).

📊 مكونات مقياس لايتر الأصلي: الاختبارات الفرعية

تم تصميم النسخة الأولى من مقياس لايتر بحيث تعتمد على مجموعة متنوعة من الاختبارات التي تقيس مهارات عقلية وإدراكية متعددة، ومنها (Thorndike, 1927; Stern, 1912):

1️⃣ التمييز البصري (Visual Discrimination) – تقييم القدرة على تمييز الاختلافات بين الأشكال.

2️⃣ التسلسل (Sequencing) – ترتيب الأشكال أو الأرقام بناءً على نمط منطقي.

3️⃣ إيجاد العلاقات والتشابهات (Finding Relationships and Similarities) – تحليل العلاقات بين العناصر المختلفة.

4️⃣ التعميم وإكمال الأنماط (Generalization and Pattern Completion) – التنبؤ بالعنصر المفقود في تسلسل معين.

📌 في حين أن هذه الاختبارات قدمت تقييمًا عامًا للذكاء، إلا أنها لم تكن كافية لتقديم تقييم تفصيلي للقدرات العقلية المتعددة، وهو ما أدى لاحقًا إلى تطوير النسخ اللاحقة.

📌 العلاقة بين مقياس لايتر والمقاييس الأخرى

بحلول منتصف القرن العشرين، بدأت الدراسات النفسية تقارن بين مقياس لايتر الأول ومقاييس الذكاء الأخرى، مثل:

✅ مقياس ستانفورد-بينيه للذكاء (Stanford-Binet IQ Scale) (Carroll, 1993).

✅ مقياس وكسلر للأداء (WISC Performance Scale) (Wechsler, 1949).

✅ اختبار بورتيوس للمتاهات (Porteus Maze Test) (Porteus, 1933).

📊 نتائج الدراسات أظهرت أن مقياس لايتر كان مرتبطًا بشكل قوي بمقياس وكسلر للأداء، حيث تراوحت معاملات الارتباط بين 0.79 و0.80، بينما كانت الارتباطات مع مقياس وكسلر اللفظي أقل، بين 0.40 و0.78 (Salvia & Ysseldyke, 1991).

هذه النتائج دعمت الفرضية القائلة بأن مقياس لايتر يقيس الذكاء غير اللفظي بشكل أكثر دقة من المقاييس التقليدية.

📌 قائمة المراجع

1. Leiter, R. G. (1930). The Leiter International Performance Scale: A Non-verbal Measure of Intelligence. University of Southern California Press.

2. Porteus, S. D. (1928). The Maze Test and Clinical Psychology. Warwick & York, Inc.

3. Kuhlmann, F. (1922). The Measurement of Intelligence in Young Children. Stanford University Press.

4. Wechsler, D. (1949). Wechsler Intelligence Scale for Children (WISC). The Psychological Corporation.

5. Arthur, G. (1949). Arthur’s Adaptation of the Leiter International Performance Scale. Stoelting Company.

6. Thorndike, E. L. (1927). The Measurement of Intelligence. Teachers College, Columbia University.

7. Stern, W. (1912). The Psychological Methods of Testing Intelligence. The University of Chicago Press.

8. Raubenheimer, A. S. (1931). Advances in Non-verbal Intelligence Testing. Journal of Applied Psychology, 15(2), 89-105.

9. Salvia, J., & Ysseldyke, J. E. (1991). Assessment in Special and Remedial Education (6th Edition). Houghton Mifflin.

10. Carroll, J. B. (1993). Human Cognitive Abilities: A Survey of Factor-Analytic Studies. Cambridge University Press.

✍ بقلم: أحمد حمدان

🔹 أخصائي علم النفس الإكلينيكي

🔹 باحث دكتوراة في علم النفس الاجتماعي السياسي الاقتصادي – جامعة ساراتوف الحكومية(SSU )

Саратовский государственный университет

آخر المشاركات

الاختبارات النمائية

التنظيم الهرمي للقدرات المعرفية في مقياس لايتر الأدائي العالمي النسخة الثانية أو المعدلة (Leiter-R): دراسة مستندة إلى نموذج غوستافسون.

مقدمة حول نموذج غوستافسون الهرمي للقدرات المعرفية: قدم العالم السويدي إريك غوستافسون (Erik Gustafsson) مساهمات

اقرا المزيد