يختبر الأطفال المصابون بالسرطان تغيراً بالعديد من مظاهر حياتهم الاعتيادية مثل محدودية فرص اللعب أو عدمها، وفرض قيود على نوعية الطعام وعاداته، كما ويعيش الأطفال المصابون بالسرطان في بيئة نفسية تتصف بالمفاجآت، وعجز الطفل عن السيطرة على ما يحدث له، فهو يخضع لفحوصات متكررة، ونظام حياتي مقترن بقيود، إضافة إلى خضوعه لإجراءات طبية مثل(العلاج الإشعاعي، العلاج الجراحي، العلاجي الكيميائي).
كل هذا يتطلب استعداد وتهيئة للتعامل مع متطلبات المرحلة والتكيف مع تبعاتها النفسية والجسدية مثل الشعور بالإعياء والتعب، وعدم الإتزان الانفعالي والغضب، والشعور بالذنب، والوحدة، والعزلة، وضعف الكفاءة، والحزن، والخوف، والألم، إلى جانب أن التبعات المرتبطة بمرض السرطان لا تنتهي بانتهاء متطلبات العلاج الطبي وإجراءاته.
أهمية العلاج باللعب للأطفال المصابين بالسرطان
لما كان العلاج باللعب يتصف بالعديد من فرص الاتصال والتعبير وتعزيز إحساس الطفل بالسيطرة والإنجاز وتطوير الكفاءة المدركة، كان لابد من توظيفه للتعامل مع المشاعر السلبية والمؤلمة التي يختبرها الطفل من خلال توظيف بعض أساليبه وهي:
-الفنون البصرية مثل الرسم، التشكيل والنحت للتعبير عن محتوى الأطفال لصراعاتهم ومخاوفهم.
-رسم خريطة الحياة لفهم الأطفال لمظاهر إحباطهم، والوعي بمشاعرهم السلبية.
-الدمى المتحركة لتحضير الأطفال للعلاج الجراحي والإشعاعي.
-رواية القصص للتعامل مع تساقط الشعر بعد العلاج الكيميائي.
-استخدام استجابات الاتجاه النفسي المتمركز حول الطفل (الغير مباشر) بهدف عكس المشاعر، وتحرير الطفل من مشاعر العجز، وإتاحة الفرصة أمامه لاتخاذ القرارات، وإتاحة المجال أمامه لقيادة الموقف العلاجي.
الآثار النفسية والاجتماعية للأطفال الناجين من السرطان:
تقدر الدراسات بأن (70%) من الأطفال المصابين بالسرطان يشفون منه، ويعانون بعدها من آثار نفسية واجتماعية ومعرفية وعصبية تعطل انتقال الطفل إلى حياته الطبيعية كما كانت قبل تشخيصه بالمرض، ويمكن ذكر بعض الآثار التي تتركها الإصابة بمرض السرطان على الأطفال:
1- الأعراض الجسدية لمرض السرطان تترك تبعات انفعالية واجتماعية على الطفل تتمثل في تبنيه لإدراك سلبي حول مظهره الجسدي، وانخفاض مستوى تقديره لذاته، وتشويش هويته، وإصابته بأعراض الإكتئاب.
2- الخبرة الصادمة المرتبطة بالإصابة بمرض السرطان تسهم في إصابة الطفل بقلق حاد، وسلوكات انسحابية، ومشكلات سلوكية، وشكاوى جسدية مكثفة، وتوتر شديد، وظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، ومشكلات في العلاقة مع الاقران، والقلق حول المستقبل بشأن العمل والعلاقات.
3- يواجه الناجون من مرض السرطان مشكلات حقيقة في بناء علاقات صداقة وثيقة، وتكون علاقاتهم الحميمة قصيرة وتفتقر للاندماج وكشف الذات.
في إطار ما تقدم من وصف للطبيعة النفسية للأطفال المصابين بالسرطان والناجين منه، أصبح من الواضح الحاجة إلى التدخل النفسي بأساليب ومنهاج علمي قائم على فهم طبيعة الديناميات النفسية لديهم.