لقد أيقن العلماء والباحثين الأوائل قوة اللعب العلاجية في مساعدة الأطفال على التماثل للشفاء والتعامل مع مشكلاتهم الانفعالية والاجتماعية، ومنذ ذلك الحين تم النظر إلى العلاج باللعب كأحد الاتجاهات العلاجية لمشكلات الأطفال النفسية والاجتماعية، وتطور نتيجة ذلك تراث من الأدب النفسي المرتبط بالعلاج باللعب، تم من خلاله تحديد مراحل العلاج باللعب، ويشير لاندريث (Landreth, 1991) بأن مراحل العلاج باللعب تبرز كنتيجة للتفاعل ما بين الطفل والمعالج، وفي هذا السياق فقد برزت عدة نماذج تناولت مراحل العلاج باللعب مثل نموذج روجز (1969Roger’s,) ، فولFall’s,1997)) ، ونموذج نورتون و نورتون (Norton & Norton,1997) وسوف يتم تناول النموذج الأخير باعتباره أحدثها وأكثرها شمولية، وفي ما يلي عرضاً للمراحل التي أشار إليها نورتون و نورتون (Norton & Norton , 1997) على النحو الاّتي:
- المرحلة الاستكشافية (exploratory stage ): ويسعى الطفل خلال هذه المرحلة إلى تحقيق هدفين، هما: الشعور بالألفة، والارتياح داخل غرفة اللعب، فمن الممكن أن يقوم بلمس عدد من الألعاب وينتقل من نشاط إلى آخر، وفي هذه المرحلة لا ينخرط الطفل في لعب متواصل أو في لعب له مغزى، أما الهدف الثاني فهو يرتبط في بناء العلاقة مع المعالج، فتعليقات الأطفال حول الألعاب، تعطي المعالج تفاصيل حول ما يفضله الطفل وما لا يفضله، وعلى المعالج تقبل أي شيء يقوله الطفل في سبيل بناء العلاقة العلاجية، كما ويسأل الأطفال في هذه المرحلة عدداً من الأسئلة بهدف التعرف إلى غرفة اللعب، والألعاب، والمعالج. ومن الأسئلة الشائعة في هذا السياق ” كيف تلعب بهذه اللعبة؟، ما هذه اللعبة؟، وكيف تستخدم هذه اللعبة؟، هل يأتي أطفال آخرون؟”
- مرحلة التحقق من الحماية (testing for protection stage) : بعد أن يشعر الأطفال بالارتياح اتجاه المعالج خلال مرحلة الاستكشاف، فإنهم يسعون لاختبار المعالج ليؤكد لهم أنهم في أمان، إذ يوجد لدى الأطفال شكوك لا شعورية حول شعورهم بالأمان مع المعالج، وبعد أن يثق الأطفال بالمعالج بشكل كامل، فإنهم يسعون إلى اكتشاف إذا كان بإمكان المعالج حمايتهم وتقبلهم إذا أبدوا سلوكيات غير مقبولة.
- مرحلة الاعتمادية (dependency stage): يقضي الأطفال معظم وقتهم أثناء العملية العلاجية في هذه المرحلة، إذ يظهر الأطفال دلالات استعارية ورمزية، ويشمل لعبهم التخيلي على استعارات ودلالات حول الأحداث الصادمة والمؤلمة التي مروا بها، لذا فهم يدعون المعالج إلى رحلة الشفاء بالطريقة التي يشعرون فيها بالألم والضغوط، وخلال هذه الرحلة يكون لعب الأطفال كثيفاً، وانفعالياً، وذو معنى، وبعد أن يواجه الأطفال آلامهم في اللعب الرمزي والدلالي، فإن الأطفال سوف يطورون طرق هادفة لتجاوز جراحهم، وهم يستطيعون معالجة الأحداث الصادمة في حياتهم ويتجاوزن الجراح، ومن خلال إعادة الطفل للحدث الصادم وخبرة التعامل معها، فإن الطفل سوف يستعيد شعوره بالطمأنينة، حيث يتم إعادة تشكيل خبرات الطفل الانفعالية، لذا فإن تذكر الخبرات الصادمة والمؤلمة لا يسبب الشدة الانفعالية للطفل التي كانت في السابق، وعندما يصل الأطفال إلى نقطة مواجهة الأحداث الصادمة التي حدث في حياتهم، عندها يتم التحرك نحو المرحلة اللاحقة.
- مرحلة النمو (Growth stage ): بعد أن يواجه الأطفال خبراتهم الصادمة، فإنهم يبدؤون الشعور بمشاعر الفقدان، وأن نمو الطفل الطبيعي قد تعطل بسبب الأحداث الصادمة، لذلك فهم يحزنون بصورة لاشعورية على فقدان فرصة النمو الطبيعي، ويتساءل الطفل حول هويته التي كانت قائمة على الألم والجراح، إلا أنه عندما يتجاوز مشاعر الألم، يبدأ بتطوير إحساس جديد بالذات، وهذا ما يحدث خلال مرحلة النمو، عندما يتجدد الإحساس بالذات لدى الطفل، وتتغير طبيعة اللعب إلى أن تصبح تشمل الضحك والمتعة.
- مرحلة الإنهاء (termination stage) : تعد هذه المرحلة هي آخر مرحلة من مراحل العلاج بالعب، وتشمل هذه المرحلة على مهمتين يسعى المعالج إلى تحقيقهما خلال هذه المرحلة، الأولى أن يقول الطفل وداعاً للعب، فالأطفال يمكن أن يقولوا ذلك من خلال مراجعتهم لمراحل عملية العلاج ومحتواها، ولربما يظهر الأطفال بعض الاستجابات التي عاشوها في إحدى المراحل السابقة مع مستوى انفعالي أقل حدة، أما المهمة الثانية فهي أن يقول الطفل وداعاً للمعالج، حيث تبرز هنا مرة أخرى قضية الثقة والتقبل، وهنا يحاول الطفل تفهم الإنهاء وعدم الاستمرار في العلاج، بالتالي يوجه الأطفال لعبهم نحو إظهار أنهم قد تغلبوا على مشكلاتهم وتوصلوا إلى حلول.
أساليب العلاج باللعب:
يستند العلاج باللعب إلى مجموعة من الأساليب العلاجية والتي يستمد منها العلاج باللعب قوته وفاعليته، وقد تستخدم هذه الأساليب مع العلاج باللعب الموجه، أو غير الموجه، وهذا يعتمد على مهارة المعالج وخبرته في مجال استخدام أساليب العلاج المختلفة للعب المختلفة في فيما يأتي استعراض لمجموعة من الأساليب المستخدمة في العلاج باللعب، كما أشار إليها كل من كادسون وشايفر (Kaduson &Schaefer,2001 ) وهي:
– الأساليب القائمة على رواية القصص: وفي هذه الأساليب يتم استخدام القصص من أجل التعرف إلى مشكلات الأطفال، وتستخدم أيضا لأهداف علاجية أو نمائية، أو تشخيصية.
-الأساليب القائمة على الفنون التعبيرية: وتشمل هذه الأساليب على طيف واسع من الأنشطة، مثل الرسم، ولعب الدور، والدراما، والتشكيل بالمعجون، والأقنعة، والموسيقى، والرقص، والتي تستخدم إما لوحدها أو مع بعضها البعض حسب ما يتطلب العلاج.
– الأساليب القائمة على استخدام الدمى: ويتم استخدام الدمى المتحركة كوسيلة تشخيصية، أو علاجية، من خلال تقمص دور إحدى الشخوص.
-الأساليب القائمة على استخدام الألعاب المعبرة عن موضوعات: وهي تشتمل على طيف واسع من الألعاب البلاستيكية، والتي تعبر إما عن أدوات تستخدم في الحياة كأدوات المطبخ، أو أدوات الطبيب، أو الألعاب التي تعبر عن أدوار للأفراد كالجندي، والمزارع، الأب، الأم، الابن، أو أنها تعبر عن وسائل مواصلات، أو اتصالات، أو حيوانات سواء كانت أليفة أو متوحشة.
– الأساليب القائمة على ألعاب التسلية والمرح: وتتضمن سلسلة من الألعاب الشعبية والتراثية التي تنتشر بين الأقران الواحد، حيث يتم توظيفها لتحقيق أهدافا إرشادية أو علاجية.